تمدد الشريان الأورطي العائلي: القاتل الصامت داخل صدرك
قد يكون قلبك ينبض طبيعيًا، وضغط دمك مستقر، ولا تشعر بأي ألم… لكن الشريان الأورطي، وهو أكبر شريان في جسم الإنسان، قد يتمدد ببطء داخل صدرك حتى يتمزق فجأة.
هذا ما يحدث في مرض تمدد الشريان الأورطي العائلي، وهو أحد أخطر الأمراض الوراثية التي تصيب الشرايين، وأكثرها صمتًا.
ما هو تمدد الشريان الأورطى العائلي؟
هو اضطراب وراثي يُضعف جدار الشريان الأورطى، مما يجعله يتمدد تدريجيًا تحت تأثير ضغط الدم. هذا التمدد قد يزداد بمرور الوقت إلى أن يصل إلى حد خطير، وقد يؤدي إلى تمزق مفاجئ في الشريان أو انفصال جداره الداخلي، وهما حالتان شديدتا الخطورة وقد تؤديان إلى الوفاة إن لم تُعالجا فورًا.
المرض يصيب الجزء الصدري من الشريان الأورطى، وغالبًا ما يكون لدى المصاب أقارب من الدرجة الأولى أُصيبوا بنفس الحالة أو توفوا فجأة دون سبب واضح.
كيف ينتقل المرض وراثيًا؟
ينتقل المرض عن طريق الوراثة من أحد الوالدين في أغلب الحالات، حيث يكفي أن يكون أحد الأبوين حاملًا للطفرات الجينية المسببة للمرض لكي ينتقل إلى الأبناء.
الطفرات الوراثية المسؤولة عن المرض تؤثر على الجينات التي تُنظم صلابة وقوة جدار الشرايين، مثل:
- الجين المسؤول عن إنتاج بروتين العضلات الملساء في جدار الشرايين.
- الجينات المسؤولة عن تنظيم إشارات النمو في الخلايا.
ما هي الأعراض؟
الخطير في تمدد الشريان الأورطى أنه غالبًا لا يُسبب أي أعراض حتى يصل إلى حجم كبير.
لكن في بعض الحالات، قد تظهر الأعراض التالية:
- ألم في منتصف الصدر أو في أعلى الظهر.
- شعور بضغط على القصبة الهوائية أو المريء، مما يُسبب صعوبة في التنفس أو البلع.
- تمزق مفاجئ يُسبب ألمًا شديدًا وفقدانًا سريعًا للوعي.
كيف يتم التشخيص؟
- التاريخ العائلي: هو المفتاح. إذا وُجدت حالات وفاة فجائية في العائلة، أو تم إجراء عمليات جراحية لأحد الأقارب بسبب شريان الأورطى، فلابد من الفحص المبكر.
- الفحوصات التصويرية:
- تصوير القلب بالموجات فوق الصوتية.
- التصوير الطبقي المحوري.
- التصوير بالرنين المغناطيسي للشرايين الكبرى.
- التحليل الوراثي: للتأكد من وجود الطفرات الوراثية المسببة، ومساعدة أفراد العائلة الآخرين على الفحص المبكر.
كيف يُعالج المرض؟
أولًا: المراقبة الدورية
إذا كان التمدد صغيرًا، تتم مراقبته كل عدة أشهر لقياس معدل نموه.
ثانيًا: العلاج الدوائي
- أدوية تخفيض ضغط الدم.
- أدوية تُقلل من ضغط الدم على جدار الشريان، مما يُبطئ التمدد.
ثالثًا: التدخل الجراحي الوقائي
يُوصى بإجراء جراحة لاستبدال الجزء المتمدد من الشريان إذا تجاوز حجمه 5 سنتيمترات، أو إذا كان هناك تاريخ عائلي لتمزق مبكر في الشريان.
رابعًا: الوقاية السلوكية
- تجنب حمل الأوزان الثقيلة.
- ممارسة أنشطة بدنية معتدلة فقط.
- الابتعاد عن التوتر الشديد والانفعالات الحادة.
هل يمكن الوقاية منه في العائلة؟
نعم، وهذا هو الأهم.
تمدد الشريان الأورطى العائلي مرض وراثي بحت، وبالتالي يمكن اكتشافه مبكرًا جدًا عند الأقارب قبل أن يُسبب أي مشاكل.
- يجب فحص جميع أقارب المصاب من الدرجة الأولى (مثل الأبناء والإخوة).
- إجراء تحليل وراثي إذا توفرت الإمكانيات، لتحديد من يحمل الطفرة.
- الفحص المبكر وإنشاء خطة متابعة يُمكن أن يمنع الكارثة.
الفحص قبل الزواج
في حال وجود تاريخ مرضي في العائلة، يُنصح بالفحص الوراثي قبل الزواج لتقييم خطر انتقال المرض إلى الأبناء.
الوعي المُسبق يُمكّن الأزواج من اتخاذ قرارات صحية ومناسبة للمستقبل.
الخاتمة
تمدد الشريان الأورطي العائلي مرض صامت، لكنه قاتل إذا لم يُكتشف في الوقت المناسب.
لكنه أيضًا قابل للسيطرة والتدخل الجراحي الوقائي إذا تم تشخيصه مبكرًا.
إن كان لديك أقارب توفوا فجأة، أو أجروا عمليات في الشريان الأورطي، فلا تتردد في فحص نفسك.
قد تكون هذه الخطوة البسيطة هي ما يُنقذ حياتك.