هل تساءلت يومًا عن سبب فقدان بعض الأطفال قدرتهم على الحركة تدريجيًا؟
ضمور العضلات الشوكي (Spinal Muscular Atrophy – SMA) هو مرض وراثي نادر يصيب الخلايا العصبية الحركية في النخاع الشوكي، مما يؤدي إلى ضعف تدريجي في العضلات الإرادية وفقدان الحركة.
حتى وقت قريب، لم يكن هناك علاج فعّال لهذا المرض، ولكن بفضل التقدم في العلاج الجيني، أصبح هناك أمل في تحسين حياة المرضى.
في هذا المقال، سنناقش أسباب ضمور العضلات الشوكي، أنواعه، عوامل حدوثه، أعراضه، طرق التشخيص، أحدث العلاجات، مدى انتشاره في مصر، وطرق الوقاية منه.
ما هو ضمور العضلات الشوكي؟
ضمور العضلات الشوكي هو اضطراب وراثي متنحٍ يؤثر على الخلايا العصبية الحركية في الحبل الشوكي، مما يؤدي إلى فقدان تدريجي للحركة.
-
يحدث نتيجة طفرة في الجين SMN1 (Survival Motor Neuron 1)، وهو المسؤول عن إنتاج بروتين SMN الضروري لبقاء الخلايا العصبية الحركية.
-
عند غياب هذا البروتين، تبدأ هذه الخلايا بالموت، مما يؤدي إلى ضعف العضلات وعدم القدرة على التحكم في الحركات الإرادية.
-
يوجد جين آخر يسمى SMN2 يمكنه إنتاج بعض بروتين SMN، لكن الكمية غير كافية لمنع ظهور الأعراض.
كلما زاد عدد نسخ SMN2 لدى المريض، كانت الأعراض أقل حدة.
مدى انتشار ضمور العضلات الشوكي عالميًا وفي مصر
ضمور العضلات الشوكي هو أحد أكثر الأمراض العصبية الوراثية شيوعًا عند الأطفال، حيث تبلغ نسبة الإصابة عالميًا حوالي 1 لكل 6,000 – 10,000 مولود.
-
في الولايات المتحدة وأوروبا، يصل معدل الإصابة إلى 1 لكل 10,000 مولود.
-
في الإمارات ودول الخليج، يبلغ معدل الإصابة حوالي 1 لكل 5,990 مولود، بسبب ارتفاع نسبة زواج الأقارب.
-
في مصر، لا توجد إحصائيات دقيقة، لكن يعتقد أن معدل الإصابة قد يكون أعلى من المتوسط العالمي بسبب ارتفاع معدلات زواج الأقارب، حيث تصل نسبة حاملي الطفرة الوراثية إلى 1 من كل 40-50 شخصًا.
لماذا ينتشر ضمور العضلات الشوكي أكثر في مصر؟
-
ارتفاع معدلات زواج الأقارب، مما يزيد من احتمالية انتقال الجين المعيب.
-
ضعف برامج الفحص الجيني قبل الزواج.
-
قلة التوعية حول أهمية الفحوصات الوراثية والوقاية من الأمراض الجينية.
الحل؟ تعزيز برامج الفحص الجيني والتوعية الصحية في المجتمع.
عوامل حدوث ضمور العضلات الشوكي
ضمور العضلات الشوكي يحدث بسبب طفرات وراثية في الجين SMN1، ولكن هناك بعض العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة:
العوامل الوراثية:
-
المرض ينتقل بطريقة وراثية متنحية، مما يعني أن الطفل يحتاج إلى أن يرث الجين المعيب من كلا الوالدين ليُصاب بالمرض.
-
إذا كان أحد الوالدين حاملًا للطفرة الجينية والآخر ليس كذلك، فلن يُصاب الطفل، لكنه قد يكون حاملًا للجين نفسه.
-
إذا كان كلا الوالدين حاملين للطفرة، فإن احتمال إصابة الطفل يكون 25% في كل حمل.
زواج الأقارب:
يزيد من خطر الإصابة بالأمراض الوراثية، بما في ذلك SMA، حيث يزيد احتمال أن يكون كلا الوالدين حاملين لنفس الطفرة الجينية.
عدم إجراء الفحص الجيني قبل الزواج:
في بعض الدول مثل الإمارات والسعودية، أصبح الفحص الجيني قبل الزواج إلزاميًا للكشف عن الأمراض الوراثية، لكن لا يزال غير منتشر على نطاق واسع في مصر.
الخلاصة: الفحص الجيني قبل الزواج هو الحل الأفضل لتقليل انتشار المرض.
أنواع ضمور العضلات الشوكي وأعراضه
ضمور العضلات الشوكي له أربعة أنواع رئيسية، تختلف في شدة الأعراض وعمر الظهور:
(النوع الأول: (الأكثر شدة
-
يظهر خلال الأشهر الستة الأولى من الحياة.
-
فقدان سريع للحركة وصعوبة في رفع الرأس أو الجلوس.
-
مشاكل في التنفس والبلع، مما يستدعي دعمًا تنفسيًا.
-
متوسط العمر المتوقع محدود بدون علاج.
النوع الثاني ( متوسط الشدة)
-
يظهر بين 6-18 شهرًا.
-
يمكن للأطفال الجلوس لكنهم لا يستطيعون المشي.
-
ضعف العضلات يزداد تدريجيًا، لكن الحالة ليست مهددة للحياة.
النوع الثالث (الأخف شدة)
-
يظهر بعد 18 شهرًا وحتى مرحلة البلوغ المبكرة.
-
يستطيع المرضى المشي في البداية، لكنهم يفقدون القدرة على الحركة تدريجيًا.
النوع الرابع ( للبالغين)
-
يظهر في مرحلة البلوغ.
-
ضعف عضلي تدريجي، لكنه لا يؤثر على متوسط العمر المتوقع.
التشخيص المبكر والعلاج الفوري يمكن أن يحسن بشكل كبير من حياة المرضى، خاصة في الأنواع الأكثر شدة.
العلاجات الحديثة لـ ضمور العضلات الشوكي
شهدت السنوات الأخيرة تقدمًا كبيرًا في علاج ضمور العضلات الشوكي ، حيث تمت الموافقة على 3 علاجات رئيسية:
العلاج الجيني – Zolgensma®
-
يُعطى مرة واحدة عبر الوريد.
-
يعالج المرض عند الجذر عن طريق إدخال نسخة سليمة من الجين
-
يُظهر تحسنًا كبيرًا لدى المرضى الذين يتلقون العلاج مبكرًا.
نوسينيرسن (Spinraza®)
-
يحفز الجين SMN2 لإنتاج المزيد من بروتين
-
يُعطى عبر الحقن في العمود الفقري كل 4 أشهر.
ريسديبلام (Evrysdi®)
-
يُؤخذ يوميًا عبر الفم.
-
مناسب للأطفال والبالغين.
الخلاصة: العلاج الجيني يمثل أملًا حقيقيًا للمرضى، خاصة عند تقديمه في مراحل مبكرة.
طرق الوقاية من ضمور العضلات الشوكي
ضمور العضلات الشوكي مرض وراثي لا يمكن منعه بعد حدوثه، لكن يمكن تقليل حدوثه عبر الوقاية الجينية:
-
الفحص الجيني قبل الزواج:
يتيح للزوجين معرفة إذا كانا حاملين لجين SMA واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الإنجاب. -
التشخيص الوراثي قبل الزرع (PGD):
يسمح للأزواج الحاملين للمرض بإنجاب أطفال غير مصابين عبر فحص الأجنة قبل الزرع في حالات التلقيح الصناعي. -
زيادة التوعية المجتمعية:
تعزيز حملات التوعية بأهمية الفحص الوراثي لتقليل انتشار المرض.
الخلاصة: الوقاية تبدأ بالوعي، والفحص الجيني هو الحل الأفضل لتقليل معدلات الإصابة بضمور العضلات الشوكى
الخاتمة: هل يمكن القضاء على ضمور العضلات الشوكي في المستقبل؟
ضمور العضلات الشوكي لم يعد مرضًا قاتلًا كما كان في السابق.
-
العلاج الجيني والعلاجات المعدلة جينيًا أعطت المرضى فرصة لحياة أفضل.
-
التشخيص المبكر والفحص الجيني يمكن أن يقلل من عدد الحالات الجديدة.
-
التطور المستمر في العلاجات قد يجعل ضمور العضلات الشوكي مرضًا يمكن علاجه بالكامل.